top of page
Rechercher

رحلة الانتقام مع الحوت موبي ديك!

  • Photo du rédacteur: قناة الكاتب عماد الدين زناف
    قناة الكاتب عماد الدين زناف
  • 18 déc. 2021
  • 3 min de lecture

صباح الخير، صباح المحيطات والحيتان، سوف تبحث عن الرواية بعدَ هذه الرحلة!!


..لم يُعرف الروائي «ملفيل» إلا في بداية القرن العشرين، ستون سنة بعد صدور روايته الأشهر «موبي ديك»، ذاع صيت هذه الرواية بعد الفيلم الذي تم إنتاجه في خمسينيات القرن الماضي. هذه الرواية تنقسم إلى جزئيين، جزءٌ روائي سردي، وجزءٌ موسوعيّ، لماذا أرهقكم بهذه المعلومات؟ لأبرر اختياري لهذه التحفة طبعاً. صُنّفت هذه الرواية كأثر الروايات ثراءً بالمصطلحات، بمعدّل خمس مائة مصطلح مختلف، لكَ أن تتخيًل أن الروائي لم يكرر نفس المصطلح إلا نادراً! نحنُ أمام رجل باحث في البحريات، في الحوت، في علم المصطلح، وفي الأدب، وكذلك له نظرة دينية وفلسفية سنكتشفها لاحقاً. أليس هذا كافياً لمعرفة المزيد عن الرواية.. ؟

تبدأ الرواية بسرد قصة رجل يُدعى «إسماعيل» الذي قرّر السفر عبر البحار للصّيد، لصيد الحوت خاصّة، قبل الوصول إلى ميناء ”نونتوكت“، حطّ في منطقة «نيو بادفورد» عندَ رجلٌ عُرف بعد ذلك أنه آكل لحوم البشر، أصبح صديقين وقرّرا السّفر وعيش هذه الرحلة معاً. صعدا إلى باخرة ”بيكوود“، باخرة قبطنها رجلٌ غريب الأطوار يُدعى آكاب، أو «أشعب». هدف هذا القبطان فيما تبقى من حياته هو اصطياد حوتٍ يُسمى «موبي ديك»، هذا الحوت الذي ترك القبطان مبتور القدم في آخر محاولة له لاصطياده.

الروائي «هرمان مالفين» وكما أشرت في بداية المقال، هو رجل ميداني وباحث، ليست القصة في ذاتها ما جعل روايته بهذا الحجم الضخم، بل التفاصيل التقنية والعلمية المُدرجة فيها، علينا القول أن الذي يتصفح الرواية، سيجد نفسه يتحقق بأنه يحمل نفس الرواية التي انطلق فيها، لأن الروائي "لم يحترم" السّرد المتواصل للأحداث.

ابتعد أيضاً عن السياق بسرد بعد الأساطير عن الحوت بشكل عام، يبدو أن مالفيل استغل روايته ليضع كل معرفته وتجربته في المجال.

معظم فصول الرواية حدثت في المُحيط، والهدف الأسمى دائماً هو الوصول للحوت الضخم «موبي ديك»، ما بجعل هذه الرواية مثيرة، هو كثرة الحوادث التي تعرضوا لها، وكذلك هوس القبطان أشعب بطموحه، ذلك التركيز جعله لا يهتم بفريقه ولا بالحوت الذي يصادفه في الطريق.

كما أشرت، رواية موبي ديك متأثرة بواقعة سيدنا يونس عليه السلام، كما تعلمون أُلقيَ النبي في البحر بعد أن وقع اسمه في القرعة عدة مرات كي يُخففوا الخمل عن الباخرة كي لا تغرق، فتلقّفهُ الحوت وبقي في بطنه يُسبّح الله، إلى أن يذفته إل الشاطئ مجدداً. طبعاً وللأسف الشديد، قصة سيدنا يونس محرّفةٌ تماما في كتبهم، إذ يُضرب المثل به في سوء الحظ والنحس بمقولة «جوناس»، وقد كان يكررها العديد من الناس عندنا في الجزائر دون معرفة أصلها، وهذا من التركة الفرنسية الخبيثة.

عكس النهاية السعيدة «المتفق عليها» التي حدثت مع سيدنا يونس، كان القبطان أشعب يتوعّد بنهاية دموية وقاسية طوال القصة.

عندما قصّ أشعب طريقته في الإطاحة بموبي ديك، وافقه إسماعيل وصديقه، وكذا «ستوب، وفلاسك، داڨو، تاشتيڨو، وكويكڨ» ..زملاء الرحلة، وشكّك في خطته رجل آخر يدعى «ستاربك»..، وكان الرجل محقاً، لأن خطة أشعب كانت تجه لطريقٍ مسدودٍ تماما، باعتراف القبطان نفسه! لكنه قال بأنه لا يهتم باستحالة هذا! سنكمل! وهنا طرح الروائي عدّة تساؤلات فلسفية دون إجابة؛ هل نحن مهوسون بتحقيق أهدافٍ سخيفة؟

إذا سحبنا كل هذه الأهداف.. ما الذي سيبقى لنا؟

هل من الأحسن أن يكون لنا هدفٌ مستحيل أو لا هدف من الأساس؟ من نحن؟ لماذا؟ هل الأمر بعيد؟ منذ متى؟..

الأجوبة ستدور حتماً في ذهنية القارئ، لأنه هو نفسه لم يجب عنها.

«ابحثوا جميعاً عن الحوت الأبيض!» ينادي القبطان آكاب من في الباخرة، حقده وتعطّشه للانتقام من ذلك الحوت الذي سلبه ساقه، سلبه أيضا عقله ومنطقه، لأن المعركة لم تكن بوما متكافئة بينهما!

وفي ليلة.. ظهر لهم موبي ديك!

إنه الحوت..نعم إنًه هو! يردد القبطان!

عملية الصيد دامت ثلاثة أيام، في اليوم الأول كان البحرُ هادئاً، كانوا يقتربون من موبي ديك، فكان يغطس ثم يندفع بقوّة نحو قواربهم.. وتحطّمهم، ألقوا عليه السهام المنوطة بالحبال، لكن مولي ديك لفّ حولهم وصنع أمواجاً بقوته! لم يستطيعوا إيقافه، ولم يستطيعوا اللحاق بالقبطان أشعب، الذي بقي بقاربه وحيداً يحاول ببسالة..

في اليوم الثاني واصل الحوت في تدمير قواربهم، وكلما ابتعد الحوت لاحقوه، فيلفّ ليهاجمهم مجدداً مخلّفاً خسائر كبرى، في اليوم الثالث، اكتشف أشعب أن الحوت قد تجاوزهم واصبح هو من يطاردهم، استطاع أشعب أن يصل بسهمه الكبير أن يصيب موبي ديك، لكن الحوت هاجم بقوة أصدقائه وأغرقهم جميعاً، باخرة «بيكوود» تغرق..

عاد موبي ديك لقارب أشعب.. الأخير بكل حقد وغضب رمى بسهمه الحبلى الثاني صوب موبي ديك.. لكن الحبل لف حول رقبته وخنقه، فغطس موبي ديك.. وساق معه القبطان أشعب بقوّة الى عمق المحيط.. واختفى..

إسماعيل هو الناجي الوحيد، وهو من قصّ لنا كل هذا.


إن الانتقام لهُ ثمن، والثمن هو أن تُنهي حياتك في الشيء الذي قررت أن تنتقم منه.. انتقم أشعب، لكن قدّم حياته ثمناً لذلك..


المقال 446

 
 
 

Posts récents

Voir tout
الفينيقيون.. حصان الطروادة الثقافي

الفينيقيّون.. حصان الطروادة الثقافي مقال عماد الدين زناف. بعد قراءة هذا المقال، سيتمكن القارئ من فكّ الارتباط بين النسب على أساس العِرق...

 
 
 

Comments


عماد الدين زناف Imed Eddine Zenaf

©2021 par Imed Eddine zenaf. Créé avec Wix.com

  • Blogger Icône sociale
  • Facebook
  • YouTube
  • Instagram
bottom of page