top of page
Rechercher

المفصل عن كنعان.. للمُكابر والفهمان

  • Photo du rédacteur: قناة الكاتب عماد الدين زناف
    قناة الكاتب عماد الدين زناف
  • 1 juin
  • 4 min de lecture

المُفصّل عن "كنعـانْ".. للمُكابِر و"الفَهْمـانْ".

مقال عماد الدين زناف.


من العيب أن يجهل شخصٌ ما في عصرنا، وإلى حدّ هذه الأسطر، من هو كنعان وإلى من يُنسب، بالرغم من أن هذه الشخصية التوراتية –الجدالية في حقيقة وجودها وفي النظرة إليها– هي حديث الساعة. فكل من يملك هاتفًا بسيطًا يستطيع معرفة أنه ابنُ حام بن نوح عليه السلام في دقيقة واحدة، وسيعلم سريعًا أيضًا أنه لا وجود لكنعان بن سام، باتفاق المؤرخين جميعًا، محقّقيهم وكذّابيهم، عدا شذوذات صاحب كتاب الإكليل وغيره –من المجاهيل–، الذي ساق أكثر من شخصية باسم "كنعان" في تاريخه، لكن رأيه مُهمَل ولا يُعتدّ به حتى بين أكثر النسّابة خلطًا في الأنساب. فالصحيح إذًا أن كنعان من حام، إذ لا علاقة له بالعرب لا بالبائدة ولا العاربة ولا المستعربة، لأنهم جميعًا من سام بن نوح كما سترون.


سيقول أحدكم: ولكنهم يردّدون في كل مكان أن "مازيغ من أبناء كنعان، وكنعان هو أب صيدون والفينيقيين أيضًا، والفينيقيون عرب قدماء، إذًا الأمازيغ أو البربر عرب قدمـاء". أقول: لا تجادل هذا الصنف من الحمقى، الذي لا يعرف أصلًا عن ماذا يتحدّث، فأصحاب هذه الردود لا يعرفون كنعان ابن مَن، هؤلاء لا يزالون يعتقدون أن هناك شخصًا اسمه "كنعان بن سام"، بذلك لا يعلمون سبب حقد اليهو.د "الساميين" على الكنعانيين "الحاميين"، وإذا عرفوا ذلك أخيرًا.. صُدموا وصُعقوا، فمنهم من يُكابر بعد الصدمة كنوع من الاضطراب، لأن التراجع هنا يسبب لهم انهيارًا نفسيًا، ومنهم من سيصمت عن قضايا التاريخ ويقفز كالعصفور ليفتح بابًا جديدًا في "معاركه الدنكيشوتية"، أين لا يمكن أن يُفضح فيها بسهولة مثل قضايا "التاريخ".. أقول التاريخ بتحفّظ شديد طبعًا.

وقد قرأت، وما زلت من حين إلى آخر أقرأ لأحد هؤلاء النشطاء العروبيين المتشنّجين الدوغمائيين، في دولة خليجية، أنه يخجل من كلام هؤلاء العروبيين الذين يظنون أنهم يخدمون قضيتهم بتعريب كنعان، ويتصايح صباحَ مساء ليفهمهم أن العرب ليست من كنعان، ولا كنعان منهم، وأن كلامًا كهذا هو إلى الكفر أقرب! بل ووجب عليهم (بحسبته) أن يحقدوا على كنعان وذرّيته (أحفاد مازيغ وصيدون الفينيقيين)، ليؤازروا بذلك (بشكل مباشر أو غير مباشر) حقد اليهو.د عليهم، وذلك لأسباب توراتية سأدرجها لكم.. وكم ستصدمون منها.

عندما نريد أن نعرف من كنعان، فليس لنا إلا مرجع أساسي واحد، وهو العهد القديم، فمنه استقت العرب واليهود والنصارى وغيرهم من الملل، إذ لا مخطوط ولا نقيشة له أو عليه، ولا إشارة عنه في ميادين الأركيولوجيا جميعًا، وأن كل ما قيل في كتب التاريخ أساسه التوراة، فماذا قالت التوراة؟

نبدأ بالأساس، في سفر التكوين 9:18: "وَكَانَ بَنُو نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنَ الْفُلْكِ سَامًا وَحَامًا وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو كَنْعَانَ." وهنا أيضًا 10:6: "وَبَنُو حَامٍ: كُوشُ وَمِصْرَايِمُ وَفُوطُ وَكَنْعَانُ."، فكما نرى، هذا النص يفصّل أسماء أبناء نوح عليه السلام، ويوضّح أن كنعان ابن حام، وكنعان والد صيدون أبو الفينيقيين جميعًا: "وَكَنْعَانُ وَلَدَ: صِيدُونَ بِكْرَهُ، وَحِثًّا"، ولا علاقة له بسام "أب العرب وغيرهم من الذين ألحقوا أنفسهم بسام". إن سفر التكوين ذاته، يبيّن في 9:22 أن سبب الخصومة بين أحفاد سام مع أحفاد أخيه حام، هو لعن سيدنا نوح لحام عندما اكتشف أنه قد نظر في عورته (أعتذر على ذكر هذا، لكن هكذا يقولون)، بذلك طالت لعنة نوح حام وذريّته جمعاء حسبهم، أي أبناء كنعان: "فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا." ثم حُكم على كنعان هذا جرّاء هذه اللعنة أن يكون عبدًا للساميين إلى الأبد، والمقصود بهم "اليهو.د" في هذا السياق: "فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ»" وهنا كذلك: "وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ»".

وهذا الكلام، إذا فُهم على سياقه دون سفسطة السفسطائيين الجدد، فإن أرض كنعان التي تقابل "فلسطين وباقي الشام اليوم" حسب المؤرخين، لا يراها اليهو.د أرضًا أصيلة للكنعانيين أحفاد حام، بل يرون أن الكنعانيين من إفريقيا، أما إذا بقوا معهم، فلكي يكونوا خدمًا لهم لا غير، (وفي سياق آخر، يرون أن سمرة بشرة الأفارقة أحفاد حام حدثت من جرّاء لعنة أبيه)، وبهذا وجب أن يُطردوا من فلسطين لتكون كلها لهم، أي "لليهو.د" الساميين أحباب سيدنا نوح. وفي هذا السياق يُنازع في هذه الأرض (فلسطين والشام) العرب، ويقولون إنهم أسبق إليها، لأنهم بحسب الرواية التوراتية ذاتها ساميون أيضًا، إذًا لهم نصيبهم الوافر من الشام، وأن اليهو.د هم الملعونون الذين وجب ألا تكون لهم أرض يستوطنون فيها.. الشيء الذي يجعل اليهو.د ينسبون العرب الذين في فلسطين وكل الشاميين إلى كنعان، وجعلوهم دون وعي يرددون أنهم من كنعان، وروّجوا لمفهوم الفينيقية من جديد وضرورة الاعتزاز بها، لكي يُنسَبوا مباشرةً وبضربة واحدة إلى حام كي تطالهم اللعنة.. فإما الطرد إلى إفريقيا أو البقاء كعبيد. وهذا ما "استفاق" له أخونا الذي يسكن في عُمان الشقيق، وجعل يتصارخ بقوّة "أن الفينيقية مشروع يهودي بامتياز"، وهو محق في هذا.

الآن إلى النقطة المفصلية، فبعد أن أوضحت لكم نظرتهم في المدعو "كنعان" وقضية لعنة حام ومحبة سام، فهناك من فهم هذا جيدًا من سكان شمال إفريقيا، لأنه استرق السمع والبصر في معتقدات التوراتيين، فعوض أن يقول بأنها روايات توراتية لا مصداقية لها البتّة، راح يُصدّق بها ويستعرّ من "كنعان" ومن "حام" ليلتصق بالعرب وسام، وجعل نفسه عربيًا بالقوّة، حتى لو كان عربيًا لِحاقًا (أي بالانتساب القديم) لا أصالةً (بالنسب المتصل)، وجعل العرق العربي من أركان الإسلام حتى يحميه بشكل أكبر، أو تجد من راح ينسب كنعان وأبناءه برمّتهم إلى سام، لكي لا تطاله اللعنة التوراتية فحسب، ولكي تكون له قرابة عرقية كما هي دينية وسياسية مع الفلسطينيين، وهذا إذا أحسنّا الظن به. وبين هذا وذاك، لا أحد يتكلم بالقرآن ولا السنّة التي وجب أن نتشبث بهما.


▪️قل إنك من مازيغ بن كنعان، إن كنت كذلك، أو قل إنك من حام، وأتبعه بـ ”إذا صدق هذا النسب عند الله“.. ولا تبالي بأي جهول.


إن الله قد أراح المسلمين من كل هذا الجدال، وأراحهم بأن جعلهم لا يتحمّلون عبء الأولين كذلك حتى لو كانوا آباءً لهم، هذا إن صحت تلك اللعنات التي يروّج لها العبرانيون، حيث قال ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ الأنعام: 164 وقال سبحانه ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ البقرة: 134 ويقول سبحانه أيضًا ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلامُ يجبُّ ما قبلَهُ، والتَّوبةُ تجبُّ ما قبلَها) لما ألقى الله عز وجل في قلبي الإسلام، قال: أتيتُ النبي ﷺ ليُبايعني، فبسط يده إليّ، فقلت: لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدَّم من ذنبي، قال: فقال لي رسول الله ﷺ: يا عمرو، أما علمتَ أنَّ الهجرةَ تجبُّ ما قبلَها من الذنوب، يا عمرو، أما علمتَ أنَّ الإسلامَ يجبُّ ما كان قبلَه من الذنوب. الراوي: عمرو بن العاص. ويجبّ ما قبله أي يمحيه كله، ولا يُحاسب المرء على دين أجداده، ولا تطاله أي لعنة لأن الله لا يظلم عباده.


أخيرًا، السلام عليكم.


 
 
 

Posts récents

Voir tout
الفينيقيون.. حصان الطروادة الثقافي

الفينيقيّون.. حصان الطروادة الثقافي مقال عماد الدين زناف. بعد قراءة هذا المقال، سيتمكن القارئ من فكّ الارتباط بين النسب على أساس العِرق...

 
 
 

コメント


عماد الدين زناف Imed Eddine Zenaf

©2021 par Imed Eddine zenaf. Créé avec Wix.com

  • Blogger Icône sociale
  • Facebook
  • YouTube
  • Instagram
bottom of page