top of page
Rechercher

رياح الشرق على الغرب

  • Photo du rédacteur: قناة الكاتب عماد الدين زناف
    قناة الكاتب عماد الدين زناف
  • 27 mars
  • 3 min de lecture

نظرًا للمستوى المتذبذب عند البعض و -الحمد لله أنه في تناقص مستمر لأن الإنترنت ساهم في تنوير العقول-  

مع ذلك، يتوجب علي أن أشرح كلامي، وهو عن موضوع: 

زحف الحضارة من الشرق نحو الغرب.

 لأن البسطاء يظنون أنني أقول أن الجزائر لا حضارة لها، وبالتالي كانت تنتظر الشرق لكي يكون لها شأن. إذا من أراد أن يفهم كلامي فليواصل قراءة المنشور.

1) الحديث عن زحف الحضارة من شرق الأرض إلى غربها هو مفهوم يشمل المستجدات التي طرأت على الإنسان القديم، خاصةً رياح الدين والمُعتقدات التي دائما ما كانت تأتي من الشرق لاعتبارات لست أنا الذي يتحكم فيها ولست في مقام قلب التاريخ رأسا على عقب لكي أصنع شيئا ليس لي.

لأن الشرق «كان» يعتبر جؤجؤ العالم القديم حضاريا (وليس تواجديًا، أي عليكم الفصل بين تواجد المجتمعات وثقافاتها وبين الحضارة التي تنصهر فيها مفاهيم عميقة وهرمية تمس كل شيء)،. وهذا الشيء لا يختلف عليه أكبر متعصب وطني يميني مثلي، لأن قراءة التاريخ يجب أن تجردنا من أي عاطفة. 

هذا المفهوم لا يختلط مع قضية قِدَم التواجد الإنساني في المنطقة (شمال إفريقيا)، كذلك لا يلغي عمل ذلك الإنسان في منطقته (شمال إفريقيا)، بل وقد يكون (الشمال إفريقي) أسبق من غيره في العمل الإجتماعي، كما توضحه رسومات سفار ورسومات عديدة في مناطق أخرى.. ما يجعله مؤسسا لما سيكون لاحقا حضارة في منطقة أخرى، بعد هجرات كثيفة للبشرية.

2) نعود لومضة إلى العصر الحديث، لو سألت أمريكيا كم عمر دولتك وحضارتك كلها، لما استطاع تجاوز حاجز المائتي سنة، ولما استطاع انكار أن بلده كلها عالة على أوروبا (شرق الأرض)، ولكن أمريكا ذاتها ليست حديثة عهد في التواجد الإنساني والعيش الاجتماعي، وإذا نظرت إلى أمريكا التي تسمى باللاتينية (اسم المستعمر) لوجدت أن حضارة المايا وكولومبيا قديمة قدم الحضارات المشرقية، لكنها هي الأخرى (دول امريكا اللاتينية) تدين برياح مفاهيم شرق الأرض لما هي عليه اليوم، الشرق الذي لا يمثله أي بلد.

3) عندما نقول أن الحضارة ( المفاهيم الدينية و الثقافية) تزحف من الشرق إلى الغرب، فهذا لا يعني أن هذا الشرق يتمثل في بلد معين أو عرق معين، بل هو عبارة عن تراكم شعوب انطلقت أساسا من إفريقيا بالنسبة للعلماء، أو أنه لا يُعرف منطلقها عند الشكاكين. فالحديث عن أن بلد أو عرق معين هو صاحب الفضل على العالم هو غباء المتأخرين من البشر، ليس حديث المثقفين. الإنسان القديم اختار ما نراه اليوم شرقنا، وماتراه الصين غربا، وماتراه اليونان جنوبا، وهو في الحقيقة موقع يتوسط الأرض، مكانا للاستقرار والعمل على تطوير الحياة، كما رأى الإنسان أمكنة أخرى مثل آسيا، شمال إفريقيا وأوروبا.

 و قد كانت تلك المنطقة مهبط الرسالات لما كثر فيها من شرارات حضارية وحروب، (بابل ومصر)، وبالتالي، فقد كانت تلك المنطقة دائما مصدر تغيّر فكري وثقافي (تحديث دوري للثقافة الإنسانية)، أي أنها تتغير باستمرار، عكس مناطق أخرى في العالم، التي عرفت استقرارا طويلا جدا مكتفيةً بمنهج واحد وأسلوب واحد، على سبيل المثال، شمال أوروبا وشمال إفريقيا.

تجد في المشرق كتابات عديدة في مناطق مختلفة وفي أزمان مختلفة، وذلك لكثرة الحركة منها وإليها، بينما تجد أن في شمال إفريقيا، كانت هناك كتابة واحدة (تيفناغ) لم تتغير إلا عندما احتك الفينيقون (سكان البحر) بهؤلاء السكان الأصليين في شمال إفريقيا، فحدث مزج ولدت من خلاله لغة ثانية تسمى البونيقية، كما أن ذلك المزج حدث مع عديد الدول في جنوب أوروبا، وذلك أول احتكاك ثقافي بالمشرق.

4) إن رياح الشرق لم يكن لها أي مفعول لو لم تجد أن غرب الأرض متفاعل معها ومتداخل فيها، فالأمازيغ ليسوا بمعزل عن العالم القديم، فقد تشاركوا مع المصريين حكم البلد وبلغوا المشرق وأعطوا وأخذوا، وأثروا وتأثروا، واستقر منهم صنف، إذ كان ذلك في زمن بعيد. اليونان ما كانت لو لم تستلم شعلة الجنوب، وماكنت دول غرب اليونان (ايطاليا الى غاية بريطانيا) أن تكون لولا شروق اليونان عليها.

5) هل هذا يعني أن المشرق هو شعلة الحضارة والمغرب يستلم منها وفقط؟ من يقول هذا عبارة عن أحمق، لأن لمغرب الأرض خاصياته التي يتفرد بها، لكنه لطالما كان يقبل ما هو نافع له من مشرق الأرض، كما قبلت اوروبا اليونان، وكما قبلت شمال إفريقيا رسالة الحجاز.

6) عندما تمتزج الحضارة الأصلية مع رياح الشرق، فسنكون دائما بصدد قيام ثقافة وحضارة بنكهة جديدة (عمران ولباس وعادات) في كل مرة وفي كل زمن، وهي تزحف شيئا فشيء مع نزوح الشعوب وعاداتهم. وهذا ما حدث عندما قدم اليونان والرومان إلى شمال إفريقيا بلغتهم اليونانية واللاتينية، فقد كانت البداية من شرق الأرض، مكان تواجدهم بالنسبة لنا، إلى غاية آخر من يعلم، أي المغرب الأقصى. كذلك حدث مع العربية والاسلام، فطبيعة الحركة كانت كذلك ولست أنا من اختارها.. فعندما أقول أن الجزائر أسبق من المغرب الأقصى حضاريا، لأن شرق الأرض أسبق من غرب الأرض في التفاعل والتغيير الثقافي لنفس السبب الذي جعل الإنسان يختار منطقة في الأرض، تتوسط العالم القديم، ليحدث فيها ما يحدث، فمفهوم (الانتقال من الشرق الى الغرب) يعنى بالتراكمات الحضارية المستحدثة باستمرار، وليس انعداما للحضارة الأصلية المتجذرة من عصور قديمة.

_

أتمنى أن يكون هذا المقال كافيا ووافيا لفكرتي التي لا تخرج قيد أنملة عن منطق الحضارة.

 
 
 

Posts récents

Voir tout
الفينيقيون.. حصان الطروادة الثقافي

الفينيقيّون.. حصان الطروادة الثقافي مقال عماد الدين زناف. بعد قراءة هذا المقال، سيتمكن القارئ من فكّ الارتباط بين النسب على أساس العِرق...

 
 
 

Коментарі


عماد الدين زناف Imed Eddine Zenaf

©2021 par Imed Eddine zenaf. Créé avec Wix.com

  • Blogger Icône sociale
  • Facebook
  • YouTube
  • Instagram
bottom of page