top of page
Rechercher

القواعد الأصولية في إباحة أكاذيب المرويات التاريخية

  • Photo du rédacteur: قناة الكاتب عماد الدين زناف
    قناة الكاتب عماد الدين زناف
  • 7 mai
  • 5 min de lecture

القواعد الأصولية في إباحة أكاذيب المرويات التاريخية.

مقال عماد الدين زناف، مرفق بالمراجع.


هل نسأل لمَ يصدّق الناس أساطير أصول البربر أنهم من اليمن؟ وأن التبابعة بلغوا الصين وأسسوها.. وأن افريقش شخصية حقيقية؟ -أم نسأل أولا كيف تساهل العلماء مع الروايات التاريخية ما لم تمسّ المقدّسات الدينيّة، القرآن والحديث؟

الباحث الحقيقي لا يلوم الناس، بل يلوم ما هو سلطة معرفية على هؤلاء الناس.

إذا، كيفَ أصّلوا لذلك حتى صارت الأساطير جزءًا من المقدسات في التاريخ، التاريخ كعلم، وكذا هي تهزم العلم المجرّد كذلك.


الرواية كنوع أدبي تبتلع عديد التخصصات في قالبٍ واحد، فالروائي أو القاص يعتمدُ الشعر والحكم الشعبية والفانتازيا والدين وشيء من العلم وشيء من القيل والقال لصناعة تركيبة مُجملة تهدف إلى غايات تختلف من مؤلف إلى آخر، فقد يكون الهدف في حدود الرواية فقط، أي للمتعة الخيالية، وقد تتعدى ذلك إلى صناعة رواية عِرقية ووطنية وقومية لهدفٍ سياسيّ توسّعي "امبرياليّ".

أما التاريخ فلا يُمكن أن يكون ضمن الرواية، حتى وإن كان المؤرخ في نهاية المطاف هو عبارة عن راوٍ، لكنه لا يروي بهدف الرواية، ولا يسمى روائيًا بالمفهوم الأدبي، لأن كاتب التاريخ حصر نفسه في علم قائمٍ بذاته، يخضع لضوابط. إذ أن المؤرخ مُلزمٌ بإثبات ما ينقله، ملزم بالإستناد على ما قرّره كبار المؤرخين الذين لاقاهم المجتمع العلمي بالقبول، ملزم بأن لا يتجاوز آخر مقررات العلم الأركيولوجي، وعديد الإلزامات التي تخرج عمله من مجال الرواية والقصة، إلى عمل علمي محض. ونحن نعلم أن هذه الشروط، لم تكن متوفّرة في القرون الماضية، بل وحتى ما كان متوفّرًا لم يكن مُحترمًا لأن الضوابط العلميّة لم تكن محلّ إجماع، فعلم التاريخ كان يعتمد في أغلبه على موثوقيّة معارف المؤرّخ ذاته، أي أن التاريخ رهن تعديل العلماء للشخص، والأخذ منه، أو تجريحه والإلجام عنه، ديـنًا ومعرفةً.

بالتالي، فإن عملية التأريخ إلى وقتٍ قريب جدًا، كانت رهن موثوقيّة الشخص لا العلم بذاته، وهذا الشيء في ظرفنا الحالي، أصبحَ محلّ مراجعة، لأن عديد المؤرخين السابقين عرفوا بالموثوقية وحسن الديانة والسيرة والسلوك، لكنهم تناقضوا في سردهم لتاريخ شيءٍ أو أشياءٍ معيّنة، ومن غير المعقول أن يكونَ جميعهم محقّين وهم متناقضون في سرد الأحداث، فالتصويب هنا وجب أن يتجرّد عنهم جميعًا دون الطعن في ذاتهم، لأننا كما أسلفنا الذكر، "حسن السيرة" تزيح عنهم أسلوب "الكذب العمدي" والله يعلم ما في الصدور.

حسنًا، بعد هذه المقدمة الطويلة، هل كل ما بلغنا من المؤرخين صحيح؟ لا، وبشهادة المؤرخين أنفسهم، وسأدرج بعض المراجع في هذا الصدد، ذلك أن التاريخ عكس القرآن والحديث والفقه، كان وما زال فيه باب واسع "للتمادي" في السّرد إذا لم يكن باسم المقدّس، ويحتمل –كما قلت- كل الموروث الإنساني – صحيحه وسقيمه-.


في كتاب "مناهج المحدّثين في نقد الروايات التاريخية للقرون الهجرية الثلاثة الأولى"، يقول المؤلف، "يعد المؤرخ رشيد الدين فضل الدين الهمذاني أن التساهل لابد منه في الرواية التاريخية وإلا لا يمكن لأي مؤرخ كتابة تــاريخ أي أمة مهما كان هذا التاريخ". يقول "لو ذهب المؤرخ إلى وجوب أن يكون كل ما يكتبه مقطوعًا بصحّته فإنه لا يستطيع أن يكتب تاريخ أمّة". وأدرج "لأن أكثر ما ينقل إليه إنما يكون لغير المتواتر من الأخبار". هنا لا أعتقد أن حديثه يحتاج شرحًا، باختصار، يقول أن المؤرخ الذي يلتزم شروط الصحة لن يجد الكثير ليكتبه. ثم يسهب قائلا "ويذكر الخطيب عن بعض أهل العلم أن الخبر إذا ورد ولم يحرّم حلالا ولم يحلّ حراما ولم يوجب حُكمًا وكان في ترغيب أو ترهيب أو تشديد أو ترخيص وجبَ الإغماض عنه والتساهل في روايته، وهذا الأمر يكاد يكون موضع إجمــــاع من لدنّ جميع أهل العلم،" " وبما أن الروايات والأخبار التاريخية في غالبها لا تتعلق بالعقيدة أو الشريعة، نرى أن أئمة الحديث والتاريخ تســـاهلوا في أسانيدها، ورووا منها ما كان في إسنادها انقطاع أو ارسال، كمـا رووا عن بعض المتّهمين عندَ علماء الحديث". فالواضح أننا نرى أن الأئمة تساهلوا في روايات المطعون في دينهم، وحديث حالي يقول.. كيف يمكن أن نثق في قصص من لم يتورّع في أقدس مقدّس وهو الدين؟ فإذا لم يخشى الله في دينه، فهل سيتورّع في التاريخ؟ غريب جدًا بل وصادم.

يقول "فالأئة الثقات من المؤرخين كمحمد ابن اسحق والخليفة بن خياط وابن سعد والطبري وابن كثير نجدهم يروون كثيرًا من الأخبــار المُرسلة والمنقطعة". المرسل هو الشيء الذي يبلغ بلا سند ولا استماع من شخص بعينه، والمنقطع هو الذي يكون فلا عن فلان ويقف عند فلان ولا يصل بسنده (رجل عن رجل) إلى الأصل، أي المحدّث الأول به.

في الكتاب الثاني "السيرة النبويّة الصحيحة، محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية". يقول "ضرورة المرونة في تطبيق قواعد المحدثين في نطاق التاريخ الإسلامي العام. يقول، لا شك أن اشتراط الصحة الحديثية في كل رواية تاريخية نريد قبولها فيهِ تعسّف، لأن ما تنطبق عليه هذه الشروط لا يكفي لتغطية عصور مختلفة للتاريخ الإسلامي، مما يولد فجوات في تاريخنا". أي إذا اشترطنا الأمور الصحيحة فقط، بقي في التاريخ فجوات وفراعات كبيرة" يعني يجوز سدّها بالكذب.

ويقول " وإذا قارنا ذلك بتواريخ العالم فإنها كثيرا ما تعتمد على روايات مفرغة أو مؤرخين مجهولين". مثل الإليادة.. فعلمائهم وكثير من علمائنا يرخصون هذا. يكمل" بالإضافة إلى ذلك فهي مليئة بالفجوات، لذلك يكفي في الفترات اللاحقة التوثق من عدالة المؤرخ و ضبطه لقبول ما يسجّله مع استخدام قواعد النقد الحديثة في الترجيح عند التعارض بين المؤرخين."

في الكتاب الثالث "صحيح تاريخ الطبري" يقول " أولا، أما اشتراط الصحة الحديثيّة في قبول أخبار تاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسف كثير". ويقول "والخطر الناجم عنه كبير، لأن الروايات التاريخية التي دونها أسلافنا المؤرخون لم تعامل معاملة الأحاديث بل تم التساهل فيها، وإذا رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستشكل هوّة سحيقة بيننا وبين ماضينا ما يولّد الحيرة والضياع والتمزّق والانقطاع". هل يحتاج هذا شرحًا؟ لا.

الكتاب الرابع " مجلّة جـامعة الشارقة، دورية علمية محكمة للعلوم الشرعية والقانونية". يقول المؤلف " تســـاهل المحدثين في رواية الأخبار التاريخيّة وضابطه، يذهب الكثير من الكتاب والباحثين والوعاظ والدعاة إلى أن من نهج المحدثين التساهل في رواية أخبار السيرة وسائر الأخبار التاريخية وهدا معلوم، لكنه منضبط بضابط مهم وهو ألا يندرج تحتها أحكام شرعية أو قضايا عقديّة أو ما يتعلق في الكلام في الصحابة وعدالتهم". إلى حد الآن، نرى أنهم جميعا يبيحون الكذب ما لم يكن ذلك في الدين. يقول فيما معناه أن قبول رواية المؤرخ تكون في حال لم يتم تجريحه والكلام عن عدالته، والحقيقة أن هذا المؤلف قد وقع في الوهم، لأن حتى المطعون في عدالته قبلوا رواياته لأنها لا تمس الدين.

الكتاب الخامس "معالم منهج المحدثين في التعامل مع الروايات التاريخية" عند عماد الدين خليل.

يقول " ولهذا نرى فرقا واضحا في تطبيق قواعد النقد بين الحديث والروايات التاريخية، فاشتراط الصحة الحديثيّة في قبول أخبار تاريخيّة التي لا تمس العقيدة والشريعة في ذلك تعسّف كبير ، والخطر الناجم عنه كبير، لأن الروايات التاريخية التي دونها عماد الدين خليل وحذّر من خطورة الأخد بالطعن الصادر عليها بسبب التشيّع أو التمذهب دون الرجوع إلى أهل الحديث لتنقيح تاريخنا من الدسائس والسموم وسيل الروايات الموضوعة الصادرة عن أهل البدع والشهوات والحاقدين على الإسلام. أما سوى ذلك من الأحداث فيمكن التساهل فيـــــها في جمعه بشرط عدم التناقض."

الكتاب السادس " الإسناد وأهميته في نقد مرويات التاريخ الإسلامي" لعبد الله خلف الحمد، يقول " وينبغي ألا يتبادر على الذهن أننا حينما نؤكد على المرونة في التعامل مع مرويات التاريخ الإسلامي أننا نريد أن نداري الانحرافات التي وقع بها بعض أفراد أو قادة المسلمين أو نتلمس المعاذير الواهية في تبريرها، مـا ينبغي للمؤرخ المسلم أن يفعل ذلك، فالتاريخ أمانة وشهادة تؤدى لا يؤثر على آدائها حب أو كره". "كما أننا حينما نشير إلى قبول الرواية فإن هذا لا يعني الرواية عن المعروفين بالكذب وساقطي العدالة، وإنما نقصد بالتساهل إمرار أو قبول رواية من ضعف ضبطه بسبب الغفلة أو كثرة الغلط والتغيير والاختلاط."

هكذا كما قرأتم، عندما يُعرف السبب يبطل العجب، فهذه المؤسسة التي ساهمت في تمرير الخيال والأسطورة لسد ما يسمونه فجوات وفراغات تاريخية، هو سبب ما نعيشه اليوم من تراشق وفتن، لأن المؤدلجين يستطيعون القسم بوضع يدهم فوق كتب التاريخ تلك بكل ثقة، عوض القسم بكتاب الله.. ذلك أن بعض العلماء –سامحهم الله- هم من ساهموا في انتشار هؤلاء النابتة المقبّحين.


 
 
 

Posts récents

Voir tout
الفينيقيون.. حصان الطروادة الثقافي

الفينيقيّون.. حصان الطروادة الثقافي مقال عماد الدين زناف. بعد قراءة هذا المقال، سيتمكن القارئ من فكّ الارتباط بين النسب على أساس العِرق...

 
 
 

Opmerkingen


عماد الدين زناف Imed Eddine Zenaf

©2021 par Imed Eddine zenaf. Créé avec Wix.com

  • Blogger Icône sociale
  • Facebook
  • YouTube
  • Instagram
bottom of page